تسارعت التطورات في الساعات الماضية على الحدود التركية–السورية وفي محافظة ادلب بعد اعلان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن انطلاق عملية عسكرية مشتركة مع فصائل سورية تدعمها أنقرة لم يحدد أهدافها. وأدّى الاعلان الرئاسي التركي الى تخبط في صفوف معظم فصائل المعارضة التي بدا القسم الأكبر منها غير مطلع على الخطة المنوي تنفيذها. وتفاقم التخبط مع دخول قوات استطلاع تركية يوم أمس بحماية "هيئة تحرير الشام" (هتش) الى نقاط تماس مع القوات الكردية في محيط عفرين، بعدما كانت ساعات الصباح شهدت اشتباكا محدودا بين قوات تركية وعناصر تابعين للهيئة.
وفيما رجحت مصادر عسكريّة أن تكون المواكبة التي أمنتها "هتش" للقوات التركية من قرية أطمة الحدودية الى قمة جبل بركات الذي يشرف على عفرين ودارة عزة، مؤشر واضح لاتفاق توصل اليه الطرفان اقله على البند الاول من الخطة التركية–الروسية، تحدثت المصادر عن ان دخول الأتراك الى ادلب سيتم على مراحل، مرحلة اولى تقضي بالدخول الى جبل بركات-دارة عزة وهي نقطة التماس مع الأكراد، وهو ما تسعى اليه أنقرة وبشكل أساسي بهدف تطويق عفرين لمنع تقدم القوات الكردية. وأضافت المصادر: "هتش بررت موافقتها على هذه المرحلة لجهة ان القوات التركية تخفف عنها بذلك عبء الرباط مع النقاط المواجهة للأكراد، أما التفاهم على المراحل المقبلة فلا يزال غير واضح تماما".
ولا تحسم أنقرة بمواجهة عسكرية مع "هيئة تحرير الشام" لفرض سيطرتها على ادلب، وان كانت أعدت الخطة لسيناريو مماثل، وهي لا تزال تعوّل على فرض منطقة خفض التصعيد التي اتُفق عليها مؤخّرا في آستانة من دون اندلاع صراع دموي كبير قد لا تتمكن من تحمّل أعبائه. وفي هذا السياق، ترجح مصادر سوريّة معنية أن يسير الجناح الأقل تطرفا في "جبهة النصرة" والمقرب من تركيا بالمنحى التسووي، لافتة الى ان الجناح المتطرف قد يقرر المواجهة في مرحلة من المراحل، لكنّه سيكتشف أنّه لن يكون قادرا على الصمود خاصة في ظل التحالف الروسي–التركي على التعامل مع ثغرة ادلب، وهو ما يحصل بغطاء أميركي واضح.
ولم تستوعب فصائل المعارضة المقربة من تركيا حتى الساعة اعلان أردوغان أن العملية التي ستنفذ في ادلب وسيتولاها "درع الفرات" ستكون مدعومة جوا من موسكو، فهي التي ترفض رفضا قاطعا التعاون العسكري مع روسيا التي تتهمها بشن حملة كبيرة عليها في الايام الماضية واستهداف مواقعها ومقراتها بشكل مباشر، أكدت انّها وحين استوضحت ذلك من الأتراك أبلغوها بـ"خطأ بترجمة ما ورد على لسان الرئيس التركي وأن ما قاله هو ان الروس سيتولون الاجواء حيث تتواجد قوات النظام، فيما تتولى المقاتلات التركية تأمين الغطاء اللازم لمقاتلي درع الفرات".
ويبدو الوضع في ادلب، أكبر معقل لتنظيم القاعدة في العالم باعتبار انّه وبحسب معلومات أميركية يضم حوالي 10 آلاف عنصر من التنظيم المذكور، أكثر تعقيدا من الوضع في أي محافظة سورية أخرى وان كان هناك تفاهم روسي–اميركي–تركي على وجوب حسم الوضع فيها من دون تحديد آلية واضحة للحسم. فاذا كان الطرفان الروسي والاميركي يدفعان باتجاه حل عسكري يقضي على هؤلاء العناصر ويمنع هروبهم خارج الحدود السورية، يبدو الطرف التركي أقرب الى الحل التسووي خاصة وأن قسما لا بأس به من هؤلاء العناصر كانوا ولا زالوا يأتمرون تركيًا.